الأم العاملة ظالمة أم مظلومة
الآن .... ورغم كفاح المراة المصرية علي مدي قرنين من أجل حصولها عل حق العمل وممارسة حقوقها السياسية ....ورغم كل قصص النجاح التي حققتها كزوجة... وأم.. وأمرأة عاملة , ورغم تقدير الجهاز المركزي للإحصاء الذي يؤكد أن أكثر من ثلث الأسر المصرية تعولها المرأة منفردة علاوة علي مشاركتها الفعالة في دخل الأسرة بشكل عام ... رغم كل هذا تعلوا الآن أصوات كثيرة مطالبة أن تعود المرأة حبيسة بيتها حتى تستقيم كل أمور الحياة وتنتهي كل أزماتنا الإجتماعية والإقتصادية والنفسية!!. وإدعى أصحاب تلك الأصوات أن كل نجاح تحققه المرأة في مجالات العمل المختلفة يقابله فشل مؤكد في وظيفتها الأساسية كأم وزوجة وربة بيت فهل حقاً المرأة العاملة فاشلة كأم وزوجة ؟
الإجابة وجدناها من خلال دراسة حديثة في جامعة (كامبردج) بالمملكة المتحدة والتي أجريت على ستمائة (600) أم عاملة ومثلهم من الأمهات المتفرغات .... وتركزت الدراسة حول هل الأم التي لا تعمل أفضل من الأم العاملة ، وأوضحت النتائج أن الأم العاملة هي الأفضل على طوال الخط ، فهي الأقدر على توظيف الوقت وإستثماره وتفيد طفلها في الوقت القصير الذي تخصصه له حيث يكون هو محور تركيزها وإهتماها ، في حين أن الأم التي لا تعمل تقضي وقت أطول بجوار طفلها إلا أنه لا يكون خالصاً له أي أنها لا تستفيد من الوقت في التركيز على الطفل بل تقضيه في إنجاز المهام المنزلية أو التسوق أو مشاهدة التلفزيون أو التحدث في التليفون. وعلى العكس فإن شعور المرأة العاملة بضياع نصف يومها بعيداُ عن أولادها وزوجها يجعلها تبذل مزيداً من الجهد لتكون قريبة منهم عند عودتها.
وأكدت الدراسة أن المرأة العاملة أكثر وعياً وذلك من خلال تفهمها ومعايشتها للحالة الإقتصادية والعائد المادي وهذا التفهم يجعلها أكثر تقارباً من زوجها ، فكل شيء لديها بحساب ولذلك فهي أكثر نظاماً وأكثر حرصاً على أولادها ومستقبلهم .
وتفاجئنا الدراسة أيضاً بوجود بعض الأثار السلبية لبقاء المرأة داخل المنزل طوال ساعات اليوم فالأطفال الذين يتعودون على وجود أمهم بجوارهم طوال الوقت يتعودون على الإتكالية والأنانية وعدم تحمل المسئولية ويصبحون أزواجاً مزعجين لزواجاتهم فيما بعد ..... كما أن الأمهات غير العاملات أنفسهن يعيشن مأزقاً آخر فريد من نوعه وهو عدم الجرأة على إتخاذ القرار وقد يندمن على إعتمادهن الكامل على الزوج وعدم قدرتهم على الإسهام في زيادة دخل الأسرة ، ومعظمهعن يشكين من الوحدة والإنعزال ، والتطلع إلى الحوافز والمكاسب والإنجازات الإجتماعية والإبداعية والمالية أيضاً التي تمنحها الوظيفة والخروج إلى العمل.
وتتفق الدكتورة/ زينب شاهين أستاذ علم الإجتماع وخبيرة التنمية البشرية مع نتائج الدراسة السابقة وتعلق قائلة: إن الوقت الذي تقضيه الأم مع الأطفال لا نستطيع قياسه بالمدة ولكن بما يتم إنجازه فيه. وبالطبع هذا لا ينطبق على جميع الأمهات ، فكثير من الأمهات غير العاملات يخصصن وقتهم لرعاية أطفالهن والتركيز عليهم ، ولكن الخطأ الذي تقع فيه كثير من الأمهات هو إعتقادهن أن الطفل له إحتياجات خاصة بالنظافة والطعام فقط، غافلات عن كونه يحتاج أيضاً لمن يتحدث معه ويستمع إليه ويجيب عن أسئلته ويشاركه نشاطاته ، والأم العاملة بما لديها من وعي وخبرات حياتية أقدر على تلبية هذه الإحتياجات بنجاح أكبر من الأم حبيسة منزلها ، أو التي تتحرك في نطاق ضيق نسبياَ .
وتؤكد د. زينب أن معظم الدراسات والأبحاث لا تدعم الأفكار السلبية والمخيفة حول الأطفال الذين تعمل أمهاتهم والتي يروج لها البعض الآن لإبعاد المرأة عن العمل خارج المنزل ,, فقد يعتقد البعض أن دور المرأة تتمثل في رعاية الأطفال والزوج فقط ، وهذا ربما ينشأ من الخلط بين مفهوم الواجب ومفهوم الهدف ، فكل إمرأة يجب أن تدرك أن هذا من واجباتها ولكنه بالطبع لا ينبغي أن يكون من أهدافها لأن الواجب شيء لا نقاش فيه ، أما الهدف فهي من تسطره بيديها وتختاره بإرادتها الحرة فتسعد بتحقيقه ... فللمرأة جانبان : جانب شخصي وجانب مشترك، وهو يتمثل في نقاط تجمعها مع زوجها وأبنائها ، أما الجانب الشخصي فيتمثل في أحلامها والأهداف الشخصية التي تسعى لتحقيقها وتسعد بها.